Thursday, May 21, 2009

بيســــان

...إلى بيسان .. التي ترقدُ في عمقِ أراضينا وفي قلوبنا وبإيدي غيرنا .. وإليها وهي بيننا صديقةً وأُختاً .. وإليها حين أرى في عينيها بغداد




بكِ قــــد تنثــــــني للبـــعدِ أزمــــــانُ
أرى بـــغــــدادَ في عينيــكِ بيســـــان
سل التــــــاريخَ هـل مرّت بهِ امــرأةٌ
على أهدابِــــــها تستلـــقي أوطـــــانُ
أرى في شَعــــركِ الغجريِّ مدرستي
وألوانَ الصِبــا كم فيــــــهِ ألــــــــوانُ
ينـــاغي صوتُكِ المخنـوقُ ذاكـــرتي
كمـــوجِ البحرِ تستهويـــهِ شطـــــآنُ
وأنفــــاسٌ تَرقـــرقُ خلفَـــهــــا لغـــةٌ
فكانت قد تجلّــت أينــــما كانــــــوا
أرى بلدي بوجهكِ كلّما عَـــبستْ
جبــاهُ وأثقلت بــالحـــزنِ أجفـــــــانُ
تضـــجُّ بريــحةِ الثّـــــــوارِ يـــــــاقتكِ
ومن أزرارهـــــــــا يحتـــــجُّ بركــــانُ
وأيـــامُ الحــروبِ بــلونــها ســـكنت
على أظفــــــاركِ الحمـــــراءَ نيـــــرانُ
أرى الأطفــالَ تلهـوا فـوقَ وجنتكِ
وملءَ الامــسِ كـم أعيتـــها أحـزانُ
غريـــبُ الـــــدارِ إلا فيــكِ يـــا قمراً
أنـــيرت منــــــهُ بلــــــدانٌ وبلــــــدانُ
وفي كفّيكِ كم خــطّتْ شـــوارعُنا
دروبــــاً ما مشــــاها قبلُ إنســــــــانُ
قضيتُ ســـنينَ بُعدٍ لسـتُ في بلدي
ومالي دونـــما بـــغــــدادَ عنــــــــوانُ
عراقيٌ أنـــــــــا .. لكـنَّ قافـــــــــلتي
تخــــافُ رحــالَـها فالرمـــلُ سجـّـانُ
فهزّي في ســـحيقِ الروحِ صبوتـــها
عسى رُطبـــاً تُساقِطُ منـها أغصــانُ
دعي سِربَ الفراشِ يجوبُ بسمتكِ
فقد خنـــقَ الفراشَ هنـــــاكَ دخّــانُ
ولا تمحـي وروداً فيكِ قـد رُسمت
ففي بلـدي امتـــلت بالنــارِ جدرانُ
أســافرُ كلّــــما جابت لــكِ ســــفنٌ
منَ الآهـــاتِ والتسهـــيدُ سفّــــــــانُ
لعـلَّ البـحــــــرَ في عينيكِ يرحمـــــني
فيلقيـــني ويمحــو الفـكرَ نسيـــــــانُ
أرى بـــغــــدادَ في عينيــــكِ نـــــائمةً
وكم طـارتْ وحَطّتْ فـــيَّ أشجانُ
بكِ الأزمــــانُ قد تُقتـــــــادُ مجبـــــرةً
تُكبّــــلُ معصميــها مــنكِ أزمــــــانُ
أنيــري الشمسَ في كفّيــكِ سـيّدتي
ففي بلــدي تُغطّــي الـشمسَ أكفانُ
وعُدّي أشــهرَ الأعــــوامِ كــــــــاملةً
ففي بلــدي خَبـى منهُـنَّ نيــــــــسانُ
دمشق 21/5/2009

Tuesday, May 5, 2009

وطــنُ الصـــمـت




غصّت بِريقي حُروفٌ كِدتُ ألفِظُـــها
بينَ الـــسطـــورِ وأَخْبـَـى صوتَــهُ القَلَـــمُ
وتَحَشْرَجَتْ في جُـفــونِ العَيـنِ أدمُعُـها
وجاشَ في الصــدرِ حُزنٌ جـارفٌ هَرِمُ
وراحَ يَعــصِرُنــي هَــمٌ عِشــــتُ آلَـــفُــهُ
كمــوجــةِ البــحــرِ تغمُــــرُ ثُمَّ تنــهَـــزِمُ
والتفَّ حَـوليَ صمتٌ كِدتُ أصـــرُخُهُ
يا أيــها الصمــتُ صمتـاً للجُمُـوعِ فمُ
يا أيــها الصمتُ صُغْنــا منـكَ مــلحمةً
تـُــؤذي الرفـــاقَ ومنـــها النِّــــدُ يبتَــسِمُ
يا أيـــها الصمـــتُ لُذنـــا فيكَ أزمـــــنةً
حتى تلبَّــــــسَ في أرواحِــــنا السَـــــقَـــمُ
واستنـــزفَ الجُـرحُ شَوطـاً من مروءتِنا
وتهـــرَّأتْ في حنـايـــا عِــــزِّنــا القِــــيــمُ
وأضْحَت الشمسُ تغرُبُ وهي مـشرِقةٌ
ويستـــحي أن يرفرفَ فوقَــــــنا العَـــلَـمُ
يــــا أرضَ غــــزّةَ لــمْ أحــزنْ لأنَّ بــكِ
يذبَّـــحُ النـــاسُ جَمـعــــاً أو يُـــــراقُ دمُ
فهيَ الشهـــادةُ يزهــــو رأسُ حامِـــلِـها
ما أحزنَ القلــبَ إن مــــا مـسَّكُمْ ألَـــمُ
بل أحزنَ القلـــبَ حـقّاً صمتُ نخوتِــنا
يا ليتَ شِعــريَ هلاّ جــــاشَتِ الـــهِمَمُ
يا أُمَّــــــةً قــــالَ عنــــــها اللهُ في كُتُــــبِـهِ
خيـــرَ الـــكلامِ أَتَبـلَى هكــــــذا الأُمَـمُ!
أُفجِـــعْتُ من هَولِــــها والنّـــارُ مُضرَمَةٌ
وتِلْكُمُ الأجــسادُ تُمطِرُ فوقَـــها الحِـمَمُ
ولرُبَّـــمـــا مَــــــــرَّ ليـــــلٌ دونَ أنجــــــمِهِ
مـن حَــولِ غــزّةَ والأهــــــوالُ ترتـســمُ
ولرُبَّــــما مَــــــرَّ صُبـحٌ دامِــسٌ عَـــــبِسٌ
ما غرَّدَتْ فيــهِ طَيــرٌ واستــــــوى أكَــمُ
قاتلـــتُمُ المـــــــوتَ حتى فـــرَّ مُنهَزِمــــــاً
يا وَيحَهُ المــــــوتُ يخــــطِفُ ثُمَّ ينهَـــــزِمُ
وابيضَّتِ السُـــودُ ممّـــا طـــــالَهُم فَرَقَــــاً
واســودَّتِ البـِـيضُ ممّــــــا كـانَ يُحتَـدَمُ
وتَخالَطَتْ كَم قُلـــــوبٌ في حناجِرِهــا
وتنـاثرَ الخـوفُ حتى صـــــارَ يُـقـتَــــسَمُ
حتى غـــدا مِثــلَ يـومِ الحَـــــشرِ مظهَرُهُ
بل زادَهُ, لــــيسَ عــدلٌ فيهِ يُــحـتَـــكَــمُ
للهِ درُّ امــــــــــرئٍ الهَــــــــــمُّ أرَّقَـــــــــــــهُ
وشعوبُنا من سُبــــاتِ الذُلِّ مـــا سَئموا
!!هل يا تُـــرى ظلَّ شيءٌ فيكِ نأمَـــــلُهُ
!!يا أُمَّــتي!! أم يا تُرى خــانَنـــا الحُلُــمُ
دمشق 5/5/2009