Wednesday, December 29, 2010

فـــوقَ التـــــــاريخ

حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان
حينَ جلسنا
كنتُ أمرِّغُ وجهي بينَ مفارقكِ الذهبيّة
وأُعتِقُ ذاكرةَ النسيان
أرسمُ في وجهكِ خارطتي
أكتشفُ حدودي مغترباً
في الأوطان

...

حينَ جلسنا
فوقَ الماضي
ونسينا...
صوتَ الأغلالِ بأيدينا
كنّا والمقعدُ ثالثَنا
جسداً مغروساً وحنينا
كنّا والمقعدُ ثالثَنا
جيشاً رومياً عِرنينا
كنّا كالطَويةِ لا نخفي
إلّا بعضاً مما فينا
كنّا والمقعدُ ثالثَنا
كنّا والمقعدُ ثانينا
كنّا يا أوسعَ ساحاتي
عُشباً ينمو في الوجدان
حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان
نسرِقُ من غدِنا أياماً
نجتاحُ الأشواقَ أنينا
نحتاجُ الطُهرَ كمعجزةٍ
ذُلّت في عصرِ الإنسان

...

حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان
واشتعلتْ كلُّ أصابِعنا
تتقشّرُ كالشمعِ الأصفر
كنّا نسمعُ طبعَ شفاهٍ
أصواتاً ينقُصُها مصدر
كنّا والطهرُ بأيدينا
بشفاهٍ كالخمرةِ نسكر
كنّا نفترشُ أصابعَنا
لوجوهٍ تشكو الهذيان
كنّا نصمُتُ مثلَ عروسٍ
لا تدري عن غدِها أكثر
كنّا واللحظةُ في يدنا
تزحفُ فوقَ عروقِ رُحانا
كالجمرِ الباردِ
كالشكوى
كالصَخَبِ الغجريِّ الأحمر
كنّا والمقعدُ ثالثَنا
موشوراً يهذي ألوان

...

حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان
طوّقتُ بصدري أزمنةً
ونسيتُ تفاصيلَ هُمومي
وجهُكِ كانَ أثارَ بقائي
وامتلكَ الصمتَ بأشلائي
واختصَّ ببعضي وعمومي
وجهُكِ كانَ يدورُ بخُلدي
يسرقُ عِندي
يُفضَحُ كالعصيانِ بجُندي
ينتظرُ منَ البعثِ قدومي
وجهُكِ حينَ أراهُ بكفِّي
كانَ يئنُّ كمرفأ حُزنٍ
فارقَ منذُ الفجرِ شِراعا
وجهُكِ كانَ فنارَ حيارى
يهدي للبعضِ مراكِبَهم
ولقلبي يهدي أوجاعا
وجهُكِ بِركةُ صمتٍ فيها
ألفُ سؤال ..
كدوائرِ ماءٍ ...
وسعاً تتداعى
وجهُكِ يا سيدتي دمعٌ
أبكاني حدَّ الإدمان
حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان

...

حينَ جلسنا
كانَ التاريخُ بلا معنى
أزمنةٌ من قهرٍ وَلّتْ
وبفرحةِ لُقيانا ضِعنا
أغلقنا كلَّ أمانينا
وشَرِبنا بعضاً فَسُقينا
وغَرِقنا فوقَ موانينا
وعليها علّقنا السُفُنا
حينَ جلسنا
كانَ التاريخُ بلا معنى
كانَ التاريخُ كقنبلةٍ
وشظايا قُبُلاتٍ فينا
شُلّتْ بالنّكهةِ أيدينا
لو عدنا من حيثُ بدأنا !!
فاستوقَفَنا مِيلٌ أعمى
مِيلٌ أخرس
لا يتَكلّم
لا يَسمعُ، مثلَ الأوثان
كانَ خَياراً صعباً جداً
إمّا أن نفترقَ صباحاً
أو نفترقَ منذُ الآن
حينَ جلسنا
فوقَ التاريخِ بلا ماضٍ
أو أحزان

...

دمشق 23/3/2010

Saturday, December 25, 2010

ابتهــــــالُ الصَّمـت


إلى هنا
أمسكَ عنّي مُدبراً بخيوطِهِ
ذلكَ الصبحُ الجميل
رثَّ الخُطى
بجيوبهِ عبءٌ يُكفكِفُهُ
لرأبِ المستحيل
وشوارعي تنتابُني..رَغمَ القدر
تسفِكُني..دونَ صدى
والذكرياتُ على جوانبِها مطر
مطر! مطر! مطر! مطر!
هل كانَ حقاً أنها
قد تشتهي رائحتي
قبلَ المطر!، وتحتَ المطر!، وبعدَ المطر!
وحينَ لا يأتي المطر!؟

إلى هنا
تبقى الجراحُ يتيمةً
ويعودُ تاريخي إلى الصمتِ الدفين
يجتازُني مِلءَ السكون
حتى تجاوزتُ القوافيَ والسنين
أتقنتُ رَغمَ طفولتي عدَّ القُطَبْ
فالذكرياتُ جراحُها
تغزو دمي، ودفاتري
وعواطفي كالسجنِ تملؤهُ النُدَب
هيَ صدمةٌ في صدمةٍ في صدمةٍ
في صدمةٍ، فاقتْ قياساتِ الحنين

إلى هنا
بالأمسِ كنّا
بالأمسِ كانت
لم أزل
لا شيءَ غيرَ صدى القرار
نارٌ، وصوتُ الصمتِ نار
قد ينتهي زمنُ الذينَ تعلّموا
لكنني لم أُنهِ درسَ الضادِ بعدْ
ألغى وجودي رَغمَ ذاكرةِ الجسد
سفَّ الجواهرَ في فمي
حتى شكوتُ لهُ دمي
ولأنني طفلٌ
تقبّلتُ الشهادةَ باسماً
ومقبّلاً كالعبدِ كفَّ معلّمي

إلى هنا
فرَّ الصباحُ منَ الظلال
جثوتُ محتضناً سلامي
غارقاً بينَ اضطرامي
سارقاً منهُ الخيال
والخيالُ غدا سليباً
رَغمَ أنّي، قد أكونُ ولا أكون
صِرتُ من شبحي قريباً
وتُراقبني الظنون
داسني ذاكَ القدر
واستفقْتُ على خَدر
كيفَ أحلامي تخون؟
أينَ أبخرةُ الأغاني
أينَ إيمانُ الجنون!
سأقولُ إلى السماء
كلَّ ما كانَ ورائي
فهيَ كانت علّمتْني
أن أقولَ إلى السماء
كلَّ شيءٍ عن شتائي
علّني حينَ أناغيها أَمَسُّ بأحرفي
ذلكَ الصبحَ الجميل

...

أورَقَ الثلجُ بأقدامي كزهرِ الياسمين
حينَ أدركتُ مصيري
وارتديتُ المعطفَ الأعمى
فأنّبني خيالي، وسكوتي
وارتحالي بينَ خوفي
بينَ موتي وحروفي
والليالي أنّبتْني وامتعاضي وظروفي
كلُّ شيءٍ كانَ قد أنّبني، إلا ضميري

...

عدتُ أحملُ بينَ أضلاعي
حقائبَ للسفر
كنتُ قد أهملتُها أو أهمَلَتْني
ثمَّ عدتُ لأرتديها فوقَ عمري بحذر
كانَ قد أمسى خيالي ميّتاً
ومسجّى بينَ كلِّ الحاضرين
وأنا...
رغمَ أنفي
وبكلِّ إرادتي، ذِعتُ الخَبر

...

أمهَلَتْني ساعتي بعضَ الثواني
لأعود
كاشفاً بئرَ الضحايا
بينَ صدري واللحود
صُمتُ مختنِقاً بدمعي وهواني
كانبثاقِ الماءِ من قلبِ الحجر
وتلمّسْتُ بلا أيدٍ كياني
لم أجدْ إلّا حروفاً
ترتدي نظّارةً، دونَ بصر
ثمّ إنّي لم أجدْ أيضاً .. لساني

إلى هنا
أنهيتُ هذا الفصلَ بلْ ..
منّي انتهى
وطَوَيتُ أزمنةً غداً شيّدتُها

إلى هنا
نفدَ القدر
والحبرُ من قلمي نَفر
ثمَّ اختلى بطفولتي
ثمَّ،بلا لونٍ بأوردتي استقر
كم كانَ ينقُصُني بذاكَ الموجِ بر
يا أيها الناجونَ مُدّوا نحونا
أيدٍ فإن عزّتْ، سطور
مُدّوا لنا بعضَ الحبالِ
وردِّدوا بعضَ النذور
أو فاقرأوا شيئاً لنا
حتى الغرق، فالعلمُ نور

...

أشعَلَتْني في هواها
مثلَ أعوادِ الثقاب
لأضيءَ على دروبِ العشقِ شمعاً
كانَ مُنتَظِراً قدومي
فأضأتُ بفرصَتي للموتِ دمعي
بينَ أوديةِ السراب
وتصاعدَ من حنيني
دفقةٌ بلهاءُ من ودَقِ الدُّخان
حلَّقَتْ حولي قليلاً
وتَسَلَّتْ..
ثمَّ همَّتْ بالذهاب
واستحالَ طوليَ الممشوقُ فحماً
لا يُغنّي
والسؤالُ غدا لهُ..
ألفُ جواب
إلى هنا

...

دمشق 12/3/2010

Wednesday, December 8, 2010

حَــــــــــــوَر


ذاكَ الـــذي أبــــداً يُحــــاكـيني

ما بـــينَ عــــينيــكِ فيُـــحييـــني

لا صوتَ بعدَ الصمتِ أسمَعُهُ

فيهـــنَّ غــيرَ العـــشقِ والــــدِينِ

فيهــــنَّ دربٌ لـــيسَ ترسُمُــههُ

إلّا خطىً ضَـــجّت بـــمجنـونِ

ســــأضِلُّ بـــينـــهما كـــمبتدئٍ

دربَ الهوى دومـــاً لـــتهـديني

فـــولادةٌ فيهـــــنَّ تـــأخُـــــــذُني

لمنـــــابعِ الحــــبــرِ لتــــرمـــــيــني

تغزو صُــــروحَ القــلـبِ تاركةً

كلَّ الــــذينَ هـنـــــاكَ يغــزوني

ذاكَ الـــذي فيهــــنَّ يذبحُــــــني

فتعــودُ تستســقي شـــــراييــــني

أغتـــالُ صـــمتَهُما فإن صَــمَدا

تلـــتفُّ حـــولَــــهما ثلاثـــــيـني

ينـدى بهـــنَّ من الغِنى حَــــوَرٌ

فـــــأدورُ بينــــهُما كمــــسكينِ

أشكـــــو لهــــنَّ بفـــــاقةٍ وَلَهــي

فلعلَّـــــها تحنـــــو فـــتسقــــيـــني

وأبــيتُ تحتَ الرمشِ مفترشــاً

بالشـــوقِ أرصـــفةً لتشكـــوني

مِــــيلي فــــما القِــــدّاحُ أرَّقـــــهُ

بعـــضُ الهوى في غصنِ زيتونِ

عينــــاكِ مثلُ البــــحرِ ســـيّدتي

لا حــصرَ للأمـــواجِ والطــــينِ

كم مــــرفأٍ فيهــــنَّ يمــنحُــنــي

أمنَ الديــــارِ وبـَـــرْدَ تشريـــــنِ

فإذا رحلـــتُ مــــودّعـــاً أفقـي

بَقيَـــتْ نوارِسُــــها نَـــياشــــيني

عينـــاكِ فوقَ الجُــرفِ تُغــرقُني

وأنا كــــمرسىً واقــــفــاً دوني

لا أرتضـــي الإبحـــــارَ بيـــنهما

خوفـــاً فـــإنَّ الدمــعَ يحـــدوني

إنَّ الذي فيهــــنَّ يــــأخُــــذُني

ما خِلــــتُهُ للمــــــوتِ يُعطــيني

يجـــتاحُني حتى غــــــدوتُ بهِ

ســــطراً إذا ما شـــــاءَ يمحوني

بيــــتاً منَ الأرواحِ يقــــذفُــــني

خلفَ المدى أو شـــــاءَ يؤويني

ذاكَ الــــذي فيهــــنَّ أتــــعبـــني

فاستسلـــمــي عنّي وضـــمّيــني

وليمتــزجْ حبري بكِ جَـــــذِلاً

كــــقضيةٍ ألِفَــــتْ فِـلَــــسطيني

وليختلــطْ ماطــــاحَ من صببي

فيهنَّ كالأنســــابِ في الصـــينِ

أهجــــو الليالي حـــينَ تمــنَعُني

عنهــــنَّ والشعــــراءُ يهجـــوني

عيــــناكِ أجهلُ فيـــهما قـدري

فأمـــوتُ مُـــبتَلِـــعاً عــــناويــني


دمشق 11/3/2010