Wednesday, June 29, 2011

لا تـَــعذِليــــــــه


لا تعذِليـــــهِ فــــــإنَّ فـــــــيهِ منـــــــــابِعٌ
للدمعِ لو نَطَقَتْ لأغـــــرَقَت المَــــدى

ودَعي بقـــايـــا العُمـــرِ تَمضي خِلسَةً
فالجُرحُ ينكـــؤهُ الحـنينُ إلى الصـــدى

ضــــاعَ الذي غـنَّى إليــــكِ حــــبيبَتي
وحروفُهُ لِيَدَيكِ قد ضــــاعتْ سُــدى

إيّــــاكِ والمَطَـــــرُ الرَّحيــــــمُ كَـــــغَيمَةٍ
لاحــتْ فمــا أغنَتْ ولا فَعَــلَ النَّـدى

فاستوقِفي زَيـــفَ الحَـــنينِ فقد مضى
زَمَـــنُ الوُجـــوهِ وفي هَـــواكِ تَــمَـــرَّدا

وتَسَـــلَّقي وَجَــــعَ الذُّهـــــولِ بِفَقـــدِهِ
ولِصَمـــتِهِ إيـــــدي سُــــؤالَكِ مَـــوقِدا

غَنِّي هُنـــــاكَ على حُطـــامِهِ وارقُصي
وتقاسَــــــميهِ على مـــــــوائِدِكِ فِــــــدا

لا ضَيـــرَ في مَـــــوجٍ تلاطَــمَ باكــــياً
فَوقَ الصُّخــــورِ وســـــادَ ثُــمَّ تَبَــــدَّدا

حَـــيَّاً سَــــتَدفِنُهُ الحُـرُوفُ بِخَصـــــرِكِ
وَلَــهُ على شَفَتَــــــيكِ تَـبني مَــــرقَــــدا

ها أنــتِ تُثرِيـــــنَ الدُّروبَ تنــــائِـــــياً
وزِحـــــامُ خُطـــــواتٍ بِهِـــنَّ تَـــنَهَّـــدا

وَتَراشُـقٌ مِنْ ذِكرَيــــــاتِ شِــــفاهِـكم
أودَتْ بِمَنْ أَلِــــفَ الشُّمـــوخَ مُمَـدَّدا

لا تَعــــذِلــــــيهِ فلـــــيسَ كُلُّ مُــــتَيَّــــمٍ
عبدٍ، ولا من حــــــازَ أصبحَ سَــــــيِّدا

رَبّـــى النُّجـــــومَ لــــكِ على أكتـــــافِهِ
لِتُعانِــــقي فــــــيهِ السَّمــــــــاءَ إذا بـــدا

وَلَــــكِ استَعـــــارَ من الحَنيــــــنِ ولائَهُ
ولِخَطـــوكِ مَـــــدَّ النَّـوارِسَ سَـــــرمَدا

ولَكِ سُطــــورُ العِـشـــقِ عِندَ مِــــدادِهِ
نادَتْ فأقبَـلَتِ القصـــــائِدُ سُــــــجَّــدا

حتّى إذا أمـــسى لِعِشــــقِكِ مَـــــوعِداً
أمسَيتِ للذِّكرى بِعِشــــــقِهِ مَـــــوعِدا

كَيفَ الذي قد كانَ يَغلي في الجَـوى
بِعُرُوقِـــكُم عِـــــــشقاً تُراهُ تَجــــــَمَّدا!

إنَّ العُيــــــونَ إذا خَــبَتْ بِبَـــريقِـــــــها
مـــــا نفَــعُهُ شَـــــوقٌ لَهُـــــنَّ تَلَبَّــــــدا!


دمشق 7\1\2011

Wednesday, June 22, 2011

نــعـــــــــم أنا


نعم أنا

من أشبعَ غُرورَ تلكَ الطِفلَةِ المُدلَّلَة

وأدفأَ البردَ الذي في صَدرِكِ

كَذِكرَياتِ أرمَلَة

واشتَبَهَتْ بِعِشقِهِ

حرارةُ الشَّمسِ وصوتُ القنبلة

وأودَعَ العُمرَ على بوَّابةِ المُنى

نعم أنا

...

نعم أنا

من أجبَرَ القصيدَ أن يطفو بعينيكِ إلى السَّماء

وأفرَغَ السُّجونَ في عَينَيهِ من براثنِ النِّساء

ودَثَّرَ نهارَهُ أُرجوحَةً لِلَهوِكِ

وشَدَّها بعروةِ المساء

وشابَ بإنتِظارِ أن يحصُدَ من شِفاهِكِ الجَنى

نعم أنا

...

نعم أنا

والشَّيبُ والتَاريخُ في صَدغيَّ واغترابةُ السِّنين

وجُرأتي على مُخاتَلاتِ العِشقِ والحَنين

وعُنجُهيّاتِ الرُّجولةِ حينَ نُمسي فارِغين

بَكَيتُكِ هناكَ حتى خِلْتُكِ هُنا

نعم أنا

...

نعم أنا

من أفرَطَ الرَّحيلَ في عينيكِ واستَقَلَّ الأُمنِيات

وحَرَّرَ الجُنونَ في شفاهِكِ من وعكَةِ الحَياة

وامتَدَّ في عُروقِكِ كالخَوفِ، كالرؤيا، كعُمرِ الطِّينِ في الفُرات

فأورَثَ الغَدرُ على قصائِدي الغِنى

نعم أنا

...

دمشق 22\12\2010

Saturday, June 18, 2011

عـــــلَّـمَــــــتني


عَلَّمَتني كيفَ أقرأ

ثمَّ عَلَّقَتِ الحروفَ على المشانقِ

وارتَدَتْ وجهَ كِتاب

عَلَّمَتني كيفَ أُمطِرُها إذا جَفَّتْ دُمُوعاً

وزَوَتْ في جَيبِها حينَ زَوَتْ كُلَّ السَّحاب

عَلَّمَتني أنَّ عِطري ليسَ حُرَّاَ

أنَّ صَوتي ليسَ حُرَّاً

أودَعَتني في زوايا ناظِرَيها

خلفَ قُضبانِ رُمُوشِها

وعلى جُدرانِ ذاكِرَتي كَطِفلٍ

رسمتْ لي ألفَ باب

..

عَلَّمَتني كيفَ أسرِقُ ساعةً من رَدمِ عُمري

كيفَ يَنطقُ كُلُّ شِعري في يَدَيها

عَلَّمَتني كيفَ أختَصِرُ الزَّمانَ

وأُزَخرِفُهُ كَطَوقٍ سافِرٍ في مِعصَمَيها

عَلَّمَتني كيفَ أٌلبِسُها سماري

وأُعَطِّرُها بعَرَقي

وأُجاهِرُ شَفَتيها

عَلَّمَتني كيفَ أختَلِقُ الدروبَ إلى هواها

ثُمَّ حينَ مَشيتُها ما عَلَّمَتني،

كيفَ لا أمشي إلَيها!

..

دمشق 15\12\2010

Sunday, June 12, 2011

غـُـــــــربة


نموتُ نموتُ ويحيا الكَفَن

ويسقطُ كُلَّ دُعاةِ الزَّمَن

رحانا التَّغَرُّبُ فوقَ التُّراب

وتحتَ التُرابِ وَجَدْنا الوطن

فلا للرحيلِ تثورُ دِمانا

ولا تَشتَهينا رِياحُ السَفَن!

فهل للخلودِ وُلِدنا عُراةً!

وما ناءَ تحتَ خُطانا سَكَن

فكيفَ نُنِيرُ الصوامِعَ فينا

ولَونُ الشُّموعِ بِلَونِ الوَثن!

نموتُ نموتُ لتحيا الحياة

وتحيا الحياةُ لتنجو المِحَن

فأينَ بقايا خُطى الحالِمينَ!

وأينَ الجفونُ! وأينَ الوَسَن!

وأينَ الوجوهُ التي تعتَرينا

بتلكَ الخُزامى وذاكَ الشَجَن!

كَفانا بغيرِ الدُّمُوعِ رَزايا

فحيثُ بَكينا يَضوعُ الحَزَن

وحيثُ استُبيحَتْ خُطانا صَمَتْنا

وحيثُ استُبيحَتْ رؤانا نُجَن!

فهلّا سَتَبكي علينا السَّماءُ

إذا في الضمائِرِ جَدَّ العَفَن!

دمشق 9\12\2010

Thursday, June 9, 2011

خـَــــيال



لا زالَ في عينيكَ ما يرنو إلَى أبوابِهِم!

دع عنكَ ذاك المُرتجى

وأسقِ الخيالَ منَ الخيال

...

وافرشْ وصالكَ حين يشغرُ بالنوى

واستلقِ ما بينَ النجومِ مُوَدِّعَاً

فَلَكَمْ وقفتَ على شفا اهدابِهم

من قبلُ مجروحَ السؤال

...

انا كم عذرتُ الضَعفَ فيكَ لحُبِّهِم

وعذرتُ فيكَ جُنونَهم

فاعذُرني في نسيانِهِم قيدَ المدى

واعذرْ وجودي بينَ أروقةِ المُحال

...

كم أخطروكَ ببالِهم ذكرى جميلة

وكم تَسَلَّقَ ذلكَ الدمعُ منَ الذكرى

بعينيكَ ملايينَ الجبال

...

أما تعبتَ من الوقوفِ على بقايا حُلمِهِم؟

أم أنَّ فيكَ من الرجولةِ نحوَهم ما لا يُقال؟

..

أما خشيتَ ضياعَ عُمرَكَ لهفةً؟

وفي قميصِكَ عطرهُ ذاك الهوى

حيّاً وحيداً لا يزال!

..

أنا لا ألومُ بكَ التشبُّثَ بالحنين

ولا ألومُ ضياعَها تلكَ السنين

أنا لا ألومُ سوى تعثُّرَ ذكرياتِكَ بينَهم

بعدما آلَ إلى الصمتِ بِكُمْ ذاكَ المآل

..

كم كانَ شِعراً في شفاهِكَ ذِكرُهُم

كم كانَ يسكُنُكَ ارتجافٌ كلَّما خطروا بثغرِك

فأينَ أنتَ اليوم فوقَ شفاهِهم؟

أينَ في زحمةِ من مرُّوا بهم آفاقَ عطرِكَ!

أينَ واحاتُكَ حينَ سَقَيتَهم حُزناً بدمعِك!

أينَ أحلامَكَ؟ كيفَ بَنيتَها فوقَ الرمال؟

فدعكَ من زيفِ المُنى واسقِ الخيالَ منَ الخيال

..

يا تُرابيَّ الهوى هبَّ النسيمُ فأينَ أنت؟

كلُّهم عادوا بملءِ سلالِهم خلفَ الحُقولِ منَ المغيب

كلُّهم عادوا بحُبٍّ أو حَبيب

كلُّهم عادوا وأنتَ بلا سِلالِكَ في حُقولِ العُمرِ توّاً قد بدأت

يا تُرابيَّ الهوى سَتَموتُ في عَطشِ التَّمنِّي

وتَدوسُ على بقاياكَ القوافلُ والجِمال

..

فَلِمَ الشَّيبُ بأيّامِ الصِّبا

ولمَ التَّغريدُ وحدَكَ بينَ أغصانِ الوِصال؟

دعكَ من شَغَفٍ ذوى وأسقِ الخيالَ منَ الخيال

..

مالنا والأمنيات!

قد مضى العمرُ سريعاً وكَبُرنا بالهموم

إنّما الدنيا شتاتٌ وبقايا ذكرياتٍ لا تَدوم

مالنا في ما مضى!

من يُبالي أينَ وَلَّتْ في سمانا الآفِلاتُ منَ النُّجوم!

كمْ سَهِرناهُم ليالي

وبَكَينا .. وسَكَتنا

وتَشَوَّقنا وأمطَرنا لَهُم قيدَ التَّلاشي كالغُيوم

ثُمَّ وَدَّعنا هواهُم عندَ مُنعَطَفِ الحياة

فاستَفِقْ من قيدِ ذكرى

للرِّضا طعمُ المنال

دعكَ من زيفِ المُنى واسقِ الخيالَ من الخيال

..

دمشق 4\11\2010

Saturday, June 4, 2011

غَـــرِّبْ فــــــؤادَك

غَــــرِّبْ فـــــؤادكَ فالأوطــــانُ تَــغتَـــــــرِبُ

واجــــمـعْ رَمـــادَكَ فـالأراوحُ تَــلتَــهِــــــبُ

واســـكُبْ حَــنينَكَ في أحـداقِ من رَحَلوا

لو يُبـــصِـــرون بِبَعــضِ العُمــرِ ما سَــكَبـوا

فَــتــِّقْ جِـــراحَــكَ حُــــرَّاً حــيثُـما اندَمَلَتْ

واطـــرَبْ بــــآهِكَ واشــدُ حـــينَ تَـنـتَحِبُ

أســــرِفْ بِدَمعِـــكَ مــــوتُ النَّبـــعِ صـبوَتُهُ

واصلُـبْ شُمُوخَكَ صمتاً فَوقَ من صُلِبوا

صـــاحِـبْ شـــتاتَكَ وابلــعْ كُــلَّ أمــــنــــيةٍ

فاليــــومُ ما كـــانَ ليــسَ اليــــومُ ما يجـــبُ

مــــاتَ الوفــــاءُ وهذا الصَّـمـــتُ نعــــوتُهُ

فاختُــمْ جِـــراحَكَ بعــضُ القلــبِ ينقَلِــبُ

واضــــربْ بقَدحِــــكَ درباً لـــيسَ تعــــرِفُهُ

كلُّ الصـــواعـــقِ واذهـــبْ غــيرَ ما ذَهَبوا

وانــزُفْ بحرفِــــكَ جُرحــــاً أنــتَ كـــاتِبُــهُ

فحروفُ نَزفِــــكَ تمحـــو كلَّ ما كَــتَبـــوا

جـــــفَّ الحنـــيـنُ ولاذَ الصِّـــدقُ في رَحِــمٍ

لو جــــازَ ألـــفَ مَخـــاضٍ ليـــسَ يـنتَحِبُ

كَفكِفْ هُمومَـــكَ واحــذرْ أن تُــبَعْثِــرَهـا

إنَّ الطريـــــحَ لَتُـــــعلــي شـــــــأنَهُ النُّـــــدَبُ

ضــــاقَ الزِّحـــامُ وتـــاهَ الرَّكبُ واعــتنقـوا

قـعـرَ السُّــــلافِ فقـــادوا غــيرَ ما رَكِبــــوا

أمهـــلْ غـــريمَكَ حتى يرتــوي غَــضَــــباً

واقـــتُلْ بِصَـــبــرِكِ فالأشجــــــارُ لا تَـــثِـبُ

ضـــــجَّ الخيــــــالُ فلا الأحــــلامُ تَــبعَــثُــــنا

بعــــدَ الرمــــادِ ولا من دونِـــــهـــا قُـــطَـبُ

ثكلـــى السُّـــطـــورُ وفي أســــمائِـهِم شَغَبٌ

بـــــينَ الحـــــروفِ وفي أوراقِـــــــــنا تَـعَـــبُ


دمشق 26\10\2010