Friday, October 4, 2013

عُزلة

  
أرى حيثُ غابَ النورُ لمساً طوالعي

وتُخبِرُ عنّي حيثُ صبَّتْ منابعي

وبَيني وبَينَ الناسِ نأيٌ وراحةٌ

كَغَيمٍ تدانى حيثُ شائت مرابِعي

فلا حينَ أُرضي الناسَ أزدادُ إصبعاً

ولا حينَ غيظَ الناسُ قلّت أصابعي

ولستُ بسمّاعٍ إذا قالَ زيدُهُم

فما قد يطالُ القولُ إلّا مسامعي

وما بي حنينُ القومِ للقولِ بالفتى

فبالإلفِ والأوطانِ همَّت نَوازِعي

وما الصمتُ عندَ الوصلِ كالصمتِ في الجفى

وكم في حزينِ القولِ قيلت روائعي

وكم سالَ طرفُ العينِ جهلاً بما لها

وحارت على الأطلالِ شوقاً مدامعي

فبينَ اغترابِ الودِّ والودِّ مرفأٌ

يطيلُ عليهِ الموتُ حيّاً تَنازُعي

سآوي لبطنِ الصمتِ رؤيا مُسَبِّحٍ

وتتلو عليَّ الفقدَ وِتراً صوامعي

عليكَ بوأدِ القولِ ما دُمتَ قاتلاً

فما حينَ عاشَ القولُ ماتت مواجعي

وكن في حديثِ الغيرِ بالذنبِ زاهداً

وأوفرُ من ذا الزهدِ بالصمتِ ما تعي

وكم خانَ أهلُ الودِّ مني بِقُبحِهِم

فكنتُ جميلَ الهجرِ حتى بلاقعي

كأنَّ ليالي الهمِّ في الروحِ بلسمٌ

فما كانَ أنكى فهي منها منافعي

أراها على الأعتابِ زُلفةَ عاشقٍ

حياءً تكفكفها لدربي براقعي

وها أنا رغمَ الحزنِ أنبضُ عزّةً

وتنبضُ رغمَ العزِّ حزناً توابعي



بيروت  7\11\2012