Sunday, April 25, 2010

إلى قــــــلم



لي صاحبٌ يبكي إذا رآني
ويَسمعُ الحروفَ من قبلِ أن ينطقها لساني
ويستعيرُ طبائعي
ويُنبِتُ الزيتونَ بينَ أصابعي
ويرتدي ذاكرتي
ويستقلُ في المدى قاطرةً بيضاء
تجرُّ في أذيالها مكاني
لي صاحبٌ يبكي إذا رآني

لي صاحبٌ إذا التقينا ضمّني
مفتشاً بينَ جيوبي عن جراح
فإن تدلّت من ثيابي دمعةٌ
عمّدَ بها دفاتري
وقلّمَ بحزنها أظافري ... وأخّرَ الصباح
وطرّزَ بملحها الأماني
لي صاحبٌ يبكي إذا رآني

لي صاحبٌ ترتسمُ ملامحي بينَ خطاهُ
يرى بيَ ما لا أراه
يأمُّني في غربةِ الحنان
يُحرِمُ في أصابعي
يطوفُ في الاحزان ... ويرجمُ الدخان
ويصلبُ التاريخَ ... ليرسمَ الزمان
ينزفُ حبراً عندَ محرابِ الهوى
كناذرٍ صباه
ويفيضُ كالحجيجِ من أحضاني
لي صاحبٌ يبكي إذا رآني

لي صاحبٌ ليسَ لهُ أصحاب
تخرجُ من معطفهِ قصائدي
عزيزةً .. كريمةً
وليسَ كلُّ معطفٍ حرٍّ لهُ أبواب
أخبئُ الكلماتِ بينَ ياقتي
فتكتسي بحزنهِ أناقتي
وتستديرُ في أزرارهِ حماقتي
وفوقَ طرْفِ كمّهِ ... أعلّقُ السحاب
لكنني أعودُ إن فقدتهُ ... مفتقداً كياني
لي صاحبٌ يبكي إذا رآني

لي صاحبٌ يتبعني كظلّي
فقط يصلّي حينما أصلي
أرسمهُ على مدى السنين
وكلما رسمتهُ محوتهُ
وعدتُ كي أرسمَهُ ... بالحبرِ والسكين
ولا نزالُ هكذا منذُ كذا
لا أرتضي لحلّهِ ... أو يرتضي لحلّي
ورغمَ كلِّ ما يدورُ بيننا
ظلَّ سريرُ صاحبي ... جيبي أنا
وقبرهُ بناني
لي صاحبٌ يبكي إذا رآني
دمشق 17\8\2009






Sunday, April 18, 2010

أيــا بـحـــر


أيـا بحــرُ قُل لـي هـل ذوتـــكَ صبابــةٌ
كمــــا قـد ذوتنـي أم هواكَ شمالـي ؟
وهذا التـلاطـــــمِ بـينَ مـوجٍ وصخـرةٍ
كذاكَ التلاطم بينَ شــــوقِ وصالي ؟
كلانا وحــــيـدٌ دونَ نســــجِ ظـلالــــهِ
ومـعنــا خيــوطُ اللـيــلِ دونَ ظـــــلالِ
أيا بحــــرُ هونـاً لســتُ مـنكَ بمــدركٍ
أتجـنــي ليـــالٍ أم جــــنـــتـكَ لـيــــالــي
كأني بصـوتِ المـوجِ يصرخُ ســــائلاً
كصـوتي لأضــواءِ الـنجـــــومِ تـعــالي
أيا بـحــرُ مـهــلاً حـيــنُ تـزبدُ مرغـــياً
فـمـا كلُ مــن أمسـى عليكَ بســـــالِ
أنا ما عهدتُ الصمتَ منكَ فلا تقل
شـــــروداً .. وتنـأى هــاربـــاً بسؤالي
أنا منذُ عهد الماءِ غمــغمتُ في الهوى
فمــن أي عـهــــدٍ يــا تُــــراكَ تبـــــالي
تداعبــني الــنـسـمــــاتُ منــكَ تــودداً
فـأرضى كــطـفــــلٍ راغــبٍ لخيــــــالِ
حدودكَ في الـلا أيـنَ دومــاً تـشــدّني
فيـزيــدُ فـيــكَ تعــلّـقـــــي وجــدالــــي
أيــا بحـرُ زدنــــي مـن ظــلامكَ عـتمةً
لأفـرشَ بــهــا صبراً دروبَ جِـمــالي
تراودنــي الــدنــيا كــأنّـي طـريـدُهــــا
وتُصَـبُّ فــي قـلبــي كــسقــطِ جـبالِ
وتطلبُ كـلَّ الصـيفِ من بردِ أدمعي
فيرسـو مــعَ الباكـــينَ صمتُ حبــالي
فيـــا بحــرُ أخبـــرني بســـــرِّ جمــالهــــــا
وحاذر فلا تُخبـــر بـســــــرِّ جـمــالـي
أنا أشتــهــي فـيكَ الجنــــونَ بـمـوجــهِ
بــــل أشتـــهـــيكَ كــقــبلـــةٍ فـمنـــــالِ

اللاذقية 15/8/2009

Monday, April 5, 2010

ولا فـخــــر



 إن كنتَ عن نسـبي لفــخرٍ تـــســـائلُ
فعليكَ بالشعـــرى ومــــا هوَ حـامـــلُ
ودع عنكَ جذرَ الفخرِ عندَ أصـــولهِ
فلــيسَ بغيرِ الـقمـحِ تعلـــو الســـنابــلُ
فـإن كـانَ بينَ النـــاسِ من هم أنجـــمٌ
ســمــــاءً غـدونـــا فابتغتنا الـشمـائـــلُ
شموســــاً إذا أضحــوا تنــيرُ بعــزهـــــا
فَكُـــلُّ ضِيــــــــاءٍ حينَ نُشـــرقُ آفـــــلُ
فمن جلدتـي العلياءُ شقّت حصونها
وتعـلــمـتِ الـجـودَ منـهـا الهـواطــــــلُ
ومن بيـــنِ أظهـــرنـا تعـالت حروفــنا
يــــــدوَّنُ تــاريــخٌ وتـبنـــي مــــعـــاولُ
أنا من بنــي كنعـانَ والعُربُ صهوتي
ولي من بلاد الــيُمـــنِ أصلاً منــــازلُ
وما زالـتِ الاوتادُ من صلبِ خيمتي
بصحـــراءِ نجــــدٍ للنجــــومِ تـطـــــاولُ
فلا تســـأل التـاريــــخَ عـنّيَ من أنــــــا
فلا يذكــرُ التــاريخُ مـــا أنتَ ســائــلُ
أنــا فـي بـــلادِ الرافديـــنِ مـلامـحـــي
وبمـقـلــتــــي لــلآنَ تجـــري جــــداولُ
وفي جبهــتي تأبى الـخــيــــولُ أعنّـــــةً
عـراقيــــةٌ صهــــباءُ تــــلكَ الجــدائــــلُ
تلـــوذُ بظلــي فـي الهــجـــيرِ شـــــواردٌ
وتنــيرُ جــنـــحَ اللــــيلِ مني مشــــاعلُ
فتأمــنُ عندي الرحـلُ إن عـزَّ مـلــجـأٌ
وتهجعُ مـــلءَ العــينِ عندي القوافــلُ
فأرضُ الســوادِ أنا وتــلكَ مـعـاقــــلي
وقـد تنهــدتِ الــلأواءَ منــها مـعــاقـلُ
شموخــاً بنضـحِ الدمِ سـطــرتُ عزتي
فلا تنطــقُ الأهــواءُ والحــقُ قــــــائـــلُ
وأرضي كما الرمضــاءُ إن ظنَّ طامعٌ
فتمــري بهـــامـــاتِ النخـــيلِ يقاتــــلُ
فما غابَ من مجدي عن الدهرِ مطلعٌ
ولا غــابَ عن نقعي سيـوفٌ تصاولُ
ولي في الحـــروبِ يدٌ تشيــرُ بـــنانـــها
إذا في يــدِ التـــاريــخِ عــزّت أنــامــــلُ
أنا مَــن ذرَ كـســــرى لسـيفـيَ مـلكـهُ
وانــشــــقَّ من إيوانــهِ بالحــقِّ باطـــــلُ
هنـا لـم تــزل أكـدٌ بـعـمـبقــها الــذي
توارثَ فـي الاصـلابِ نحـوي وبابــلُ
تـدورُ لـيَ الدنـيــــا بديـنــي عــزيـــــزةً
وتخضــعُ مـن خلـقِ رسـولي الجحافلُ
أنــا المـجــدُ مـن أي الـجـهــاتِ أتيتني
فــلا فـخــرَ بعــدي إن تـــرومُ المحــافلُ
بلادي بـــلادُ العُــربِ شرقـاً ومغربـــاً
وهمّـي رواهُ الـمـسـلـمـــونَ الأوائــــلُ
تشاطرني الصحـــراءُ في الصبرِ بأسها
ولي في كلِ بــابٍ للجهــادِ مـداخــلُ
تجرجرنــي العـليــــاءُ للتيـــــهِ باسطـــــاً
ردائـــي على كتــفِ الثريـــا أُخـــايــلُ
أنا عنـدَ قومــي الـرومُ خــرّت ذليلــــةً
تعثّـرهـا الأغـلالُ والجـهـــمُ مـــائــــــلُ
وأضحـت ربـوعُ الصـينِ تحتاطُ غلّتي
فما غابَ جبلٌ تحتَ شمسي وساحلٌ
وأضحـت بأنـدلـسي القبابُ ســجــيةً
غـدا كـلُّ سبـطٍ في النقـوشِ يـمـاطـلُ
فتــلكَ طلــــيطــلةٌ تغــرّدُ باســــمــهــــا
زهــــورُ البنفســـجِ والطيــورُ تغــــازلُ
وإشــبيـلـيــةُ الفيحـاءَ تعــرفُ لهـــجـتي
وتـشـتـــاقنــي ببلــدِ الـوليـــدِ الخـمـائلُ
كفانـي مـنَ الـفخــرِ سمـوُ عـقيــدتــي
وبأنـنــــي عـــــبـــدٌ وربـــــيَ عـــــــادلُ
فالنـــاسُ أشغــلـهــا عـن الحقِ شـــاغلٌ
ولنفسي عن نفسـي من الناسِ شاغلُ
فإن كنـتَ يا هـذا بفخـركَ جـئـتــــني
فأنبـئكَ عـلـــماً عـنكَ أنكَ جـاهــــــلُ

دمشق 13/8/2009