|
|
|
هنا بغداد |
حيثُ الدمعُ لا يَنْضُب |
ولا تَنْضُب مع الدمعِ شموسُ الفكرِ والأمجاد |
هنا بغداد .. |
هنا تاريخُ كلِّ النخل |
منذُ سُقوطِ هولاكو وحتى ثورةِ الأعثاقِ والتَّمرِ المخبّأ في لَهى الأجداد |
هنا بغداد .. |
هنا شَمَخَتْ جِباهُ السُّمر وانطَبَخَتْ عُروقُ الصَّبر |
واختَنَقَتْ سِنينُ القهرِ، فوقَ القهرِ فوقَ القهرِ |
رغمَ تعاقبِ الأوغاد |
هنا بغداد .. |
هنا حيثُ الدروبُ تَئِنُّ ملحمةً مُشرَّدَةً ومُعدَمَةً .. ومُلهَمَةً، |
كجِلجامِشْ وأنكيدو |
فإكسيرُ الحياةِ هنا تجلّى يرفُضُ الأضداد |
هنا بغداد .. |
هنا مرّتْ سِنينُ العُمر |
هادئةً كطعمِ الفجر |
واسعةً كقاعِ البحر |
يملؤها حنينُ الأهلِ، دفءُ الصيفِ زادُ الضيفِ يملؤها، |
وتملؤها شناشيلٌ تدلّى منها حرفُ الضاد |
هنا بغداد .. |
هنا حيثُ الرَّصافةُ إن غَفَتْ عِشقا |
تُغازِلُها عُيونُ الكَرخِ والجِسرِ |
والعشّاقُ صاروا في هوى العشّاقِ يَغلي العشقُ في دمِهِم كغلي الشايِ في الجمرِ |
وليلُ الياسمينِ المختفي في النخلِ، |
والسُّمّاقِ والشِّعرِ ونَكهتُهُ أبو نَوّاسُ في البُنيِّ، في القَطّانِ، في النَّهرِ فسِحرِي منكِ أعرِفُهُ، وما من بابلٍ سِحري وأكمامٌ منَ السَّيَّابِ تبكي ساحةَ الفِردوسِ والشهداءِ والتحريرِ والأعياد |
هنا بغداد .. |
هنا أمواجُ دَجلةَ ترتَوي عَطَشا |
فلا تَعطشُ ولا تُروى ولا من غيرِنا تُهوى |
ولا تُحصى قوارِبُها ولا نسماتُها تُحوى |
وتَبتَلِعُ الحجارةَ وهيَ باسِمةٌ |
إذا ما لاعَبوها صيفاً الأولاد |
هنا بغداد .. |
هنا تلكَ الجسورُ تمُدُّ فوقَ النهرِ أذرُعَها |
كأمٍ قد حَنَتْ شوقاً تُكَفْكِفُ قَطْرَ أدمُعِها |
كعاشقةٍ تَوسَّدَ بينَ جنبيها حبيبٌ لفَّ أضلُعَها |
كأقراطٍ منَ الياقوتِ صُفَّتْ فوقَ ثوبِ حداد |
هنا بغداد .. |
هنا حيثُ الكرامةُ في بقايا الخبزِ نأكُلُها |
وبينَ ملاعبِ الأطفالِ نَعقِلُها |
ونحمِلُها .. بملحِ الدَّمعِ نحمِلُها |
بصَنفِ الدّمِ بطَعمِ الهمِّ |
تحتَ الجِلدِ نحمِلُها |
كأوراقٍ مجفَّفَةٍ إلى التاريخ فيَكتُبُ، والدموعُ مِداد |
هنا بغداد .. |
هنا دارُ القصيدِ ودارُ ليلى والمثنَّى والكَرَم |
يا دارَ شِعري أقبِلي، سيفٌ ورُمحٌ وقَلَم تَروي الشموسُ حضارةً عنها وتعرِفُها القِمَم |
كجَزيرَةٍ أزليَّةٍ بركانُها عَذبُ الحِمَم |
كرِوايةٍ غزليَّةٍ أبطالُها قلمٌ وفمُ |
كأميرةٍ مسحورةٍ وأميرُها قيدَ الصَّنَم مَلَّتْ بِنا أصفادُنا ياطولَ غُربَتِنا ويا طولَ الرُّقاد |
هنا بغداد .. |
تلكَ القصيدةُ في فمِ الأزمانِ تحبَلُ بالرِّثاء |
تجري بحورُ الشِّعرِ خلفَ قميصِها، وبِلا رِداء |
ومحابرُ الأُدَباءِ جَفَّتْ فَوقَها، وما جفَّ بعدُ الأُدَباء وعلى يديها كم تكفَّنَ عاشِقٌ وكم تكفَّنَ أدعياء هي لا يموتُ الحُرُّ فيها |
ليس بالإعدِامَ لا بالشَّنقِ لا بالكهرُباء لا يموتُ بها تُراثُ الكِبرِياء لا يموتُ بِها الوفاء لايموتُ بها الخُزامى ولا تُعَدُّ الأنبياء لا يموتُ بها سوى ضوءُ القمر، والأبرِياء لكن هُنا، وفقط هُنا، دوماً سيولَدُ كلَّ عامٍ سندباد هنا بغداد |
دمشق 9\4\2009 |
|
|
|
|
|
Thursday, April 9, 2009
هُـــنا بــَغـــــــداد
Wednesday, April 1, 2009
جــــادتْ بــها
|
|
|
|
جــــادتْ بها الشـــامُ لنا والجُــــودُ |
من شـــامِـنا مُـــنذُ الأُلى مـــعهُـــودُ |
ألـــقتْ إليـــنا من حــنــايــا قلبِـــها |
لحـــناً فأُشْجِيَ من صــــداهُ العــودُ |
هي لـــفتةٌ للـــــدّهرِ إن نـــاظَرْتُــها |
أدركــتُ مالي قبـلُ فيـــهِ وجـــودُ |
وأقولُ أصبِــرُ عن هواهــا مُرغَــماً |
والصبــرُ في لـــغةِ الجُمــودِ جُمـودُ |
هيَ حُــــرَّةٌ عَـــرَبيّةٌ فـــي طَرْفِــــهـا |
وطــــنٌ كبـــــيرٌ لا تَلــــــيهِ حُــدودُ |
تجري خيولُ اللهِ بيــــنَ جُــفونِـــها |
وسِــوارُ كسـرى خَـصرُها المعقودُ |
في صوتِــها حُزنٌ كــأنَّ كلامَــــها |
غَـــزَواتُ رومٍ نَقعُـهُــــنَّ السُّـــــودُ |
هي أمُّ طِـــفلٍ في غَزيــــرِ حَـنينـِـها |
وخُـــــرافةٌ صِــــينـــــيّةٌ وجُنــــــــودُ |
ولِشهرَيـــــــارَ منَ الــــــرّواةِ قوافيٌ |
من قَصرهِ مــــــالَتْ لها وقَصــــــيدُ |
وتَتوهُ من دربِ النجـومِ كواكِبٌ |
في جيدِها دومـــــاً فلــــيسَ تَعـــودُ |
يا سِحرَ تلكَ الزهرَتــــينِ كلَيهِــما |
يَلـــتـــفُّ في أترابِـــــــها عُـــنقـــــودُ |
فرحيقُـــها الأمويُّ ســــالَ مؤرِّخاً |
أقباطَــــــها ... متبـــــغدِدٌ وعنــــيدُ |
متبرمِــــكٌ حُلَلَ الجمــالِ ومُغـدِقٌ |
يا حــبّذا تـــلكَ النّحـــورُ الغــــــيدُ |
أنهـــارُ فرعـــونَ إليـــــها أسبَلَــــتْ |
بل كــــــادَ يَتركُ نيلَـــهُ الأُخـــدودُ |
وجيوشُ هولاكـــو لَتُطرِقُ دهشةً |
من معصَمَيــها في القُيـــودِ تَبـــــيدُ |
يا شــــــامُ مهلاً فالعيـــونُ كثيـــرةٌ |
وجَمالُــــــها بالناظرِيـــــــنَ يَزيـــــدُ |
لو كانَ لي حُكمٌ عليها في الهوى |
في قُـــــمقُمٍ خبّــــأتُــــها وأَزيــــــــدُ |
وبَنيتُ من مــوجِ البحارِ قوارِبــــاً |
فنضــيعُ فيـــها وما إليـــها نعـــــودُ |
هي كالسطــــورِ قرأتُ فيها عِلَّتي |
فعـــرِفتُ أنّــي بِعلَّـــــتي موعــــــودُ |
جـــادتْ بها الشـــــامُ ويــالِعطائِها |
من ذا يباري الشامَ فيما تجودُ !! |
دمشق 1/4/2009 |
|