إنّي سأبرَأُ مَرَّتَين
فعلى متاريسِ الهوى جَفَّ الرَّصاص
وعلى السواتِرِ من رُبى عَينَيكِ كَفَّنتُ الوطن
وبقيتُ مُغتَرِباً هناكَ بنصفِ حُلمٍ للِّقاءِ، ودمعَتَين
..
إنّي سأبرَأُ من هوايَ ومن جذوري
وأُعانِقُ التابوتَ حينَ يمرُّ في ضيقِ الزُّقاق
أنا لستُ مَنْ يبني الوجودَ على الفِراق
ولستُ مَنْ يرضى بإن يُلغي حُضُورهُ أيَّ شيءٍ من حُضُوري
إنّي سأبرَأُ مَرَّتَين
مرَّةً من وجهكِ المُلقى على أفواهِ أقلامي
وأُخرى من سُطوري
..
إنّي سأبرَأُ عندَ عِطرِكِ رغمَ أن برائتي للعِطرِ تَغتالُ القصيدة
وبِنَكهةِ الثّوارِ سوفَ أُمَزِّقُ الصُّورَ التي أودَتْ بِعُمري
وأُغَلِّفُ القلبَ الذي أفضى بأوراقِ الجريدة
فَقَصائِدي في الحُبِّ مثلَ القَبرِ لا تَلِدُ الرحيلا
والدمعُ لا يُثبِتُ في جُرمي لِعَينَيكِ الدَّليلا
إنّي سأبرَأُ من بُحورِ الشِّعرِ في ميناءِ حِبري
ومن هوى الإبحارِ في عُمقِ القصيدة
إنّي سأبرَأُ مَرَّتَين
مرَّةً مِنْ ذكرياتي،
ومرَّةً أُخرى، إذا كانتْ عَنيدة
..
إنّي سأبرَأُ مِنْ رُكامِ الصَّبرِ في كُلِّ المواسِم
وعلى مُروجِ الفَقدِ للذكرى سأستَبِقُ الأثير
وأُعَلِّقُ التاريخَ مِلءَ جراحِهِ فوقَ الضَّمير
فالصَّمتُ في لُغَتي صلاةٌ ليسَ تُبطِلُها بعَينَيكِ ملايينُ التمائِم
ولا يُقاطِعُها سَرير
إنّي سأبرَأُ مَرَّتَين
مرَّةً إنْ كُنتُ اوَّلَ مَنْ أراكِ العِشقَ عِندَ الشُّعَراء
ومرَّةً أُخرى، إذا كُنتُ الأخير
..
دمشق 22\4\2011