إلى هنا
أمسكَ عنّي مُدبراً بخيوطِهِ
ذلكَ الصبحُ الجميل
رثَّ الخُطى
بجيوبهِ عبءٌ يُكفكِفُهُ
لرأبِ المستحيل
وشوارعي تنتابُني..رَغمَ القدر
تسفِكُني..دونَ صدى
والذكرياتُ على جوانبِها مطر
مطر! مطر! مطر! مطر!
هل كانَ حقاً أنها
قد تشتهي رائحتي
قبلَ المطر!، وتحتَ المطر!،
وبعدَ المطر!
وحينَ لا يأتي المطر!؟
إلى هنا
تبقى الجراحُ يتيمةً
ويعودُ تاريخي إلى الصمتِ الدفين
يجتازُني مِلءَ السكون
حتى تجاوزتُ القوافيَ والسنين
أتقنتُ رَغمَ طفولتي عدَّ القُطَبْ
فالذكرياتُ جراحُها
تغزو دمي، ودفاتري
وعواطفي كالسجنِ تملؤهُ النُدَب
هيَ صدمةٌ في صدمةٍ في صدمةٍ
في صدمةٍ، فاقتْ قياساتِ الحنين
إلى هنا
بالأمسِ كنّا
بالأمسِ كانت
لم أزل
لا شيءَ غيرَ صدى القرار
نارٌ، وصوتُ الصمتِ نار
قد ينتهي زمنُ الذينَ تعلّموا
لكنني لم أُنهِ درسَ الضادِ بعدْ
ألغى وجودي رَغمَ ذاكرةِ الجسد
سفَّ الجواهرَ في فمي
حتى شكوتُ لهُ دمي
ولأنني طفلٌ
تقبّلتُ الشهادةَ باسماً
ومقبّلاً كالعبدِ كفَّ معلّمي
إلى هنا
فرَّ الصباحُ منَ الظلال
جثوتُ محتضناً سلامي
غارقاً بينَ اضطرامي
سارقاً منهُ الخيال
والخيالُ غدا سليباً
رَغمَ أنّي، قد أكونُ ولا أكون
صِرتُ من شبحي قريباً
وتُراقبني الظنون
داسني ذاكَ القدر
واستفقْتُ على خَدر
كيفَ أحلامي تخون؟
أينَ أبخرةُ الأغاني
أينَ إيمانُ الجنون!
سأقولُ إلى السماء
كلَّ ما كانَ ورائي
فهيَ كانت علّمتْني
أن أقولَ إلى السماء
كلَّ شيءٍ عن شتائي
علّني حينَ أناغيها أَمَسُّ بأحرفي
ذلكَ الصبحَ الجميل
...
أورَقَ الثلجُ بأقدامي كزهرِ الياسمين
حينَ أدركتُ مصيري
وارتديتُ المعطفَ الأعمى
فأنّبني خيالي، وسكوتي
وارتحالي بينَ خوفي
بينَ موتي وحروفي
والليالي أنّبتْني وامتعاضي وظروفي
كلُّ شيءٍ كانَ قد أنّبني، إلا ضميري
...
عدتُ أحملُ بينَ أضلاعي
حقائبَ للسفر
كنتُ قد أهملتُها أو أهمَلَتْني
ثمَّ عدتُ لأرتديها فوقَ عمري بحذر
كانَ قد أمسى خيالي ميّتاً
ومسجّى بينَ كلِّ الحاضرين
وأنا...
رغمَ أنفي
وبكلِّ إرادتي، ذِعتُ الخَبر
...
أمهَلَتْني ساعتي بعضَ الثواني
لأعود
كاشفاً بئرَ الضحايا
بينَ صدري واللحود
صُمتُ مختنِقاً بدمعي وهواني
كانبثاقِ الماءِ من قلبِ الحجر
وتلمّسْتُ بلا أيدٍ كياني
لم أجدْ إلّا حروفاً
ترتدي نظّارةً، دونَ بصر
ثمّ إنّي لم أجدْ أيضاً .. لساني
إلى هنا
أنهيتُ هذا الفصلَ بلْ ..
منّي انتهى
وطَوَيتُ أزمنةً غداً شيّدتُها
إلى هنا
نفدَ القدر
والحبرُ من قلمي نَفر
ثمَّ اختلى بطفولتي
ثمَّ،بلا لونٍ بأوردتي استقر
كم كانَ ينقُصُني بذاكَ الموجِ بر
يا أيها الناجونَ مُدّوا نحونا
أيدٍ فإن عزّتْ، سطور
مُدّوا لنا بعضَ الحبالِ
وردِّدوا بعضَ النذور
أو فاقرأوا شيئاً لنا
حتى الغرق، فالعلمُ نور
...
أشعَلَتْني في هواها
مثلَ أعوادِ الثقاب
لأضيءَ على دروبِ العشقِ شمعاً
كانَ مُنتَظِراً قدومي
فأضأتُ بفرصَتي للموتِ دمعي
بينَ أوديةِ السراب
وتصاعدَ من حنيني
دفقةٌ بلهاءُ من ودَقِ الدُّخان
حلَّقَتْ حولي قليلاً
وتَسَلَّتْ..
ثمَّ همَّتْ بالذهاب
واستحالَ طوليَ الممشوقُ فحماً
لا يُغنّي
والسؤالُ غدا لهُ..
ألفُ جواب
إلى هنا
...
دمشق 12/3/2010
1 comment:
هل لي ببعض صمتٍ أغرقُ فيه حدّ الامتلاء ,,,؟
Post a Comment