لَيلَتي
تِلكَ التي ماتَت لأَجلي
ولَبِستُ لأَجلِها
أأنَقَ أثوابَ حِدادي
..
وفُؤادِي ..
كانَ يَتلُو لِي وَصايا جَنائِزِيَّة
وأنا بِدَمِي أُسَطِّرُ مُستَهيباً
ما كانَ يَتلُو لي فُؤادي
..
كُنتُ أعرِفُ أنَّني
قد صِرْتُ أَعمى
منذُ أنْ عِفْتُ هُناكَ مَدَامِعي
في حِجرها
وبِكفَّيها سَوادي
..
كُنتُ أعرِفُ أنَّني
قد صِرتُ أُمِّيَّاً
فإنّي قدْ سَكَبتُ بِمُقلَتَيها
كُلَّ حِبري
وعلى أَعتابِها كَرْماً
ذَبَحْتُ لَها مِدادي
..
ليسَ لِي دَمعٌ فأَبكي
ليسَ لي أُمٌ فأَشكو
ليسَ لي صَوتٌ أُنادي
..
لَيلَتي
تلكَ التي ماتَتْ بِحِجْري
سأُعيدُ مِنَ البِدَايَةِ بَعدَها
مِشْوَارَ عُمري
كُلَّما صِرتُ غَريباً
خِلْتُ أنَّي
قد وَجَدتُ هُنا وَطن
أَستظِلُّ بِفَيئِهِ
أَطوِي الكَفَن
أَترُكُ الآهَ قليلاً وأَنَام
ثُمَّ أَصحُو ..
فإذا بالرَّملِ يُلغِي لِي وُجودي
ودَمُ الأَشعارِ يَرسِمُ لِي حُدودي
مَرَّةً أُخرى ..
قدِ اغتيلَ رَمَادي
..
لَيلَتي يا لَيلَتي
يا من بَقَيتي دونَ كُلِّ النَّاسِ عِندي
تُرقِينَ لي بالنَّفثِ جُرحي
وتُرَبِّينَ على الآمالِ صُبْحي
وتُوفّينَ نُذوري
حينَ خانَ السَّفحُ سَفحي
وتَموتينَ
لِكي يَحيا سُهادي
..
لَيلَتي
تِلكَ التي ماتَت لأَجلي
كَمْ أَموتُ وأَشتَهيها
كَمْ أُلَملِمُ ذِكرَياتي
وَبِشِعري أفتَديها
كَمْ إليَّ مَشَتْ دُروبٌ
وأنا أَمشي إليها
لَيلَتي
تلكَ التي ماتَت لأَجلي
سَوفَ أَدفِنُها بِقَلبي
وأُكفّنُها بِدَربي
فَهي أَوفَى مِن حَبيبي
وَهيَ في الأَحبابِ ذَنْبي
وَهيَ تَغفو
كُلَّما شِئتُ بِقُربي
فإذا ماتَت سَمائي
لَيلَتي غَطَّتْ وِدادي
..
لَيلَتي
تِلك التي ماتَت
وَلمْ تخدِش حَنيني
أخمَدَتْ أنفَاسَها حُزناً لِحُزني
واستقلّتْ موتَها نَحْوي
واستلْقَت على دِفءِ جَبيني
لَيلَتي
كيفَ أُوفِيكِ الوفاء
كَيفَ أكسِرُ في زُجاجِ الصَّيف
ألوانَ الشِّتاء
كيفَ أَترُكُ إصبَعي الأسمرَ مَقطوعاً
وأَقلامي هَباء
كَيفَ أَشرَبُكِ
وَحِبري لمْ أَزَل أَشرَبُهُ
كُلَّ يومٍ كالدواء
كيفَ أَبحَثُ فيكِ جَهْراً
عن رُقادي
..
لَيلَتي
تِلكَ التي ماتَت لأَجلي
دمشق 19/4/2010
No comments:
Post a Comment