-1-
كيفَ حَدَث؟
بأنَّني شُفيتُ مِن حُمّى خُطوطِ الطول؟
حينَ رأيتُ طولَكِ
يُدَقُّ إسفيناً منَ الخَيال
فوقَ خُطوطِ العَرْض؟
ووقعُ خَطواتِكِ
قد غطّى على
وقعِ ذُهولِ النَّبْض؟
كيفَ حَدَث؟
بأنَّني حينَ احتَضَنْتُ خَصرَكِ
كأنَّني احتَضَنْتُ بينَ أذرُعي
كُلَّ حُقولِ الأرض؟
-2-
أنا كلَّما أشتاقُ أن أنظُرَ في عينيكِ يا حبيبتي
أُرخي ستائِرَ عالمَي الغريب
مختَلِساً بعضَ الثواني من حياتي
مُستَرِقَ النَّظرةِ من بعضِ الثُّقوب
ثمَّ أنظرُ للقمر
فأخبريني كيفَ أفعلُ
حينما أشتاقُكِ قبلَ المغيب؟
..
أنا كلَّما أشتاقُ أن أذكُرَ طَعمَ عِشقِنا حبيبتي
أَخرجُ مَهموماً إلى تلكَ الدُّروب
تلكَ التي كُنّا بها نَغيب
وأمُدُّ فيها أذرُعي دونَ رجوع
كقارِبٍ يدورُ في دَوّامَةِ الهُروب
أَلتقطُ بوجهيَ الحزينِ من وجهِ السماءِ
بعضَ حبّاتِ المطر
فأخبريني كيفَ أفعلُ
حينما لا تُمطرُ السماءُ في تلكَ الدُّروب؟
-3-
نسيتُ ذاتَ يوم
نسيتُ أن أنسى
فأَغرَقَ الدمعُ جميعَ مراكِبي
وأَغرَقَ المَرسى
-4-
جلستُ في حقيبتي
يوماً منَ الأيام
لأعرِفَ مشاعرَ الأوراقِ والقلم
وحينما أغرَقَني الظلام
ولمْ أعُدْ أُميِّزُ الحروفَ في الكلام
ولا متى أصحو ولا أنام
وأبصُمُ بقُبلَةٍ واحِدةٍ
كُلَّ معاهداتِ الحربِ والسلام
ولا أُفَرِّقُ بينَ طعمِ الحُبِّ أو طعمِ الندم
فقط عَرِفتُ حينها
بأنَّنا إذا عَشِقنا
قد جَلَسنا معَ مَنْ نَعشَقُ
باقي العُمرَ في حقيبةِ الألم
-5-
كيفَ قد كنّا عَشِقنا!
فكَتَبنا!
ثمَّ ما أحترقَتْ بنا أوراقُنا؟
كيفَ بعدَ العِشقِ ما بَقِيَتْ مُعلَّقةً
خيوطُ الشمسِ في أعناقِنا؟
كيفَ مازِلنا نَعيشُ
ورصاصُ العشقِ في صُدورِنا
ملَّ من اختراقِنا؟
كيفَ قد حُفِرَتْ
بلا ذَنبٍ لنا
فضيحةً
وجوهُ من نَعشَقُ
في أحداقِنا؟
كيفَ قد كُنّا عَشِقنا
ثمَّ تاهتْ كُلُّ ألواحِ الأَرُزِّ
من حقولِ الصِّينِ في أشواقِنا؟
كيفَ غابَتْ
في سماءِ الصيفِ ساعةَ عِشقِنا
كلُّ النُّجوم
مثلما قد غابَ في ساعةِ زلزالٍ عنيفٍ بينَنا
كُلُّ صمتِ العِشقِ في آفاقِنا؟
-6-
أنا ما كلَّمتُ عنكِ غيرَ نفسي
ونَدِمتُ بَعدَها
أنَّني أَفشيتُ ذاكَ السرَّ باسمكِ للهواء
حينما لامَسَهُ من وقعِ هَمسي
..
أنا ما خبَّأتُ في قلبي سِواكِ
ليسَ بُخلاً
إنَّما أحبَبتُ أنَّ الدَّمَ
حينَ يَمُرُّ في قلبي
سَيحمِلُ نحوَ أطرافيَ
عِطراً من هواكِ
..
كيفَ لم تُلاحظي؟
حبيبتي
بأنَّني منذُ زَمن
لمْ أقل "إنّي أُحِبُّكِ"؟
صِرتُ أخشى
أنْ يلوِّثَها الغُبار
صِرتُ أخشى
من ظلامِ الليلِ
أنْ يُخفِيَ ملامحَها
أو تُغَيِّرَ لونَها شَمسُ النَّهار
صِرتُ أخشى
أنْ تكونَ عادةً فوقَ لساني
أنْ تُقالَ .. ولا تُثار
-7-
إليكِ يا حبيبتي
مُكبَّلاً
جاؤوا ليأخُذوني
وتهمةُ الموتِ بكِ
تطفَحُ في عيوني
إليكِ كالذبيحةِ العمياءِ قيَّدوني
وعن هواكِ راحوا يسألوني
وعن بقايا أحرُفي التي لكِ
لطالَما كَتَبتُها
راحوا يسألوني
لكنَّ صمتي لمْ يكن يكفي ليعذروني
وفي ربى دفاتري كم فتَّشوا
عن خُصلةٍ من شَعرِكِ الطويل
عن إصبَعٍ
إن كنتِ قد نسيتِهِ
بينَ يدِي قبلَ الرحيل
لكنَّ صمتي لمْ يكن يكفي ليعذروني
كم فتَّشوا في شفتي
عن خَصرِكِ النحيل
عن طولِكِ كم بحثوا في غابةِ النخيل
كم فتَّشوا في أضلعي
عن عطرِكِ الجميل
عن ضمَّةٍ تاهتْ بلا دليل
خبَّأتُها جميعَها
وحينما قد قرأوا
اسمَكِ في جُفوني
قد قرَّروا كيفَ سيعدموني
قد قرَّروا
من فوقِ كُلِّ الشِعرِ يا حبيبتي
دونَ قلم
في وادي عينيكِ أن يُلقوني
دمشق 14/6/2010
No comments:
Post a Comment