هل أصبحتُ كَفيفاً بعدَكِ!
أم أنَّ الدَّمعَ بدا يحفِرُ في وجداني!
هل عانَيتِ الموتَ وقوفاً! أمْ وحدي لا زِلتُ أُعاني!
هل هذي ظُلمَةُ ما يجري! أمْ أنَّ جوابَكِ أعماني!
إن تسألْ عنكِ شوارِعُنا
سأَلوذُ إلى الصمتِ وأهرُبُ منحَسِراً مِنْ مَدِّ الذِّكرى
ويَلُوذُ الصَمتُ إلى دمعي، ويلوذُ الدَّمعُ بأجفاني
هل أفرَغَكِ الصَّمتُ كجُرحٍ؟ أمْ وحدي ينزِفُ شِرياني!
إن تسألْ عَنكِ حديقَتُنا
سأُلَمْلِمُ حُزني مُختَنِقاً وشِفاهُكِ تَملأُ أرداني
صمتاً يا أبرَدَ عاشِقَةٍ مرَّت فوقَ قُبورِ الذكرى
فالقبرُ لهُ حُرمةُ مَوتٍ، والموتُ لهُ حُرمةُ صَمتٍ
والصمتُ تغلغلَ من بَعدِكِ يا عِشقَ الأمسِ بأركاني
هل تسهرُ فيكِ رسائِلُنا! أم وحدي أجرَعُ أشجاني؟
هل سالَ الحُزنُ على يدِكِ!
وتناثرَ بينَ أصابِعكِ شيئٌ من عِطري وكَياني؟
هل ثارَ الشَّوقُ بعينَيكِ! وتناثرَ مِلحاً مغليَّاً؟
أمْ وحدي أشرَبُ بُركاني؟
كفِّي عن ذبحي يا امرأةً قَتَلَتْ في طفلي ضَمَّتَهُ
واستغنتْ عن حَقْنِ بَقايا قَدَري بالسَّفكِ الروماني
كفِّي عن غَرسِ أصابِعَكِ في عُتمَةِ ذاكِرَتي عَمْداً
وانتَزِعي من بينِ رُفاتي آخرَ خيطٍ من أكفاني
كُفِّي وانعَتِقي من قَلَمي
فأنا زِنزانَةُ أوراقٍ ما احتَجَزَتْ غَيري قُضباني
أكرَهُكِ خَجَلاً من حُبِّي، يا ظِلَّ الموتِ بجُدراني
يا دِفئاً قُطبيَّاً أزهَرَ ثلجاً في مَوسِمِ نيراني
مُوتي! .. فالموتُ لكِ فَخرٌ، واستَبِقي منِّي احساني
واستَبِقي عُمْراً خَمرِياً تقتُلُهُ ذكرى ألواني
هل عاشَ القلبُ بكِ بعدي! أمْ وحدي ينبُضُ نِسياني؟
أمْ وحدي ماتتْ عاطِفَتي! أمْ وحدي أدفِنُ أزماني!
مُوتي! .. فالموتُ سيُحييني، ويُطَهِّرُ منكِ إدماني
مُوتي! .. في ذكرى مولِدِنا، وعلى مذبَحِكِ وفِراشِكِ
وليبرَأُ منكِ إيماني
هل عِشتِ الموتَ بذاكِرَتي! أمْ وحدي أحيا فُقداني!
جَفَّتْ في ساعةِ موعِدِنا أرقامٌ ثَكلى وثَواني
وتَرَاكَمَ أكواماً يبكي في رَفِّ الذكرى عُنواني
بل جَفَّ بساحةِ لُقيانا لونُ خُطى لهفَتِنا القاني
هل عُدتِ يوماً في دَربي! أمْ أنَّ كرامَتَكَ تأبى!
أمْ آخرُ يَحتَلُّ مكاني!
دوري في أروِقَةِ القَتلى، ما دامَ القلبُ قد استغنى
لن تَجِدي مقتَولاً مثلي
سطَّرَكِ حِبراً وعُيوناً وتَناثرَ فيكِ كَجُثماني
فالتَمِعي سِكِّيناً حُرَّاً، واعتَنِقي مَذهَبَ هولاكو
فسَيَأتي قاتِلُكِ حتماً، وسأنشُر بَعدَكِ ديواني
دمشق 9\8\2010
No comments:
Post a Comment