لا زالَ في عينيكَ ما يرنو إلَى أبوابِهِم!
دع عنكَ ذاك المُرتجى
وأسقِ الخيالَ منَ الخيال
...
وافرشْ وصالكَ حين يشغرُ بالنوى
واستلقِ ما بينَ النجومِ مُوَدِّعَاً
فَلَكَمْ وقفتَ على شفا اهدابِهم
من قبلُ مجروحَ السؤال
...
انا كم عذرتُ الضَعفَ فيكَ لحُبِّهِم
وعذرتُ فيكَ جُنونَهم
فاعذُرني في نسيانِهِم قيدَ المدى
واعذرْ وجودي بينَ أروقةِ المُحال
...
كم أخطروكَ ببالِهم ذكرى جميلة
وكم تَسَلَّقَ ذلكَ الدمعُ منَ الذكرى
بعينيكَ ملايينَ الجبال
...
أما تعبتَ من الوقوفِ على بقايا حُلمِهِم؟
أم أنَّ فيكَ من الرجولةِ نحوَهم ما لا يُقال؟
..
أما خشيتَ ضياعَ عُمرَكَ لهفةً؟
وفي قميصِكَ عطرهُ ذاك الهوى
حيّاً وحيداً لا يزال!
..
أنا لا ألومُ بكَ التشبُّثَ بالحنين
ولا ألومُ ضياعَها تلكَ السنين
أنا لا ألومُ سوى تعثُّرَ ذكرياتِكَ بينَهم
بعدما آلَ إلى الصمتِ بِكُمْ ذاكَ المآل
..
كم كانَ شِعراً في شفاهِكَ ذِكرُهُم
كم كانَ يسكُنُكَ ارتجافٌ كلَّما خطروا بثغرِك
فأينَ أنتَ اليوم فوقَ شفاهِهم؟
أينَ في زحمةِ من مرُّوا بهم آفاقَ عطرِكَ!
أينَ واحاتُكَ حينَ سَقَيتَهم حُزناً بدمعِك!
أينَ أحلامَكَ؟ كيفَ بَنيتَها فوقَ الرمال؟
فدعكَ من زيفِ المُنى واسقِ الخيالَ منَ الخيال
..
يا تُرابيَّ الهوى هبَّ النسيمُ فأينَ أنت؟
كلُّهم عادوا بملءِ سلالِهم خلفَ الحُقولِ منَ المغيب
كلُّهم عادوا بحُبٍّ أو حَبيب
كلُّهم عادوا وأنتَ بلا سِلالِكَ في حُقولِ العُمرِ توّاً قد بدأت
يا تُرابيَّ الهوى سَتَموتُ في عَطشِ التَّمنِّي
وتَدوسُ على بقاياكَ القوافلُ والجِمال
..
فَلِمَ الشَّيبُ بأيّامِ الصِّبا
ولمَ التَّغريدُ وحدَكَ بينَ أغصانِ الوِصال؟
دعكَ من شَغَفٍ ذوى وأسقِ الخيالَ منَ الخيال
..
مالنا والأمنيات!
قد مضى العمرُ سريعاً وكَبُرنا بالهموم
إنّما الدنيا شتاتٌ وبقايا ذكرياتٍ لا تَدوم
مالنا في ما مضى!
من يُبالي أينَ وَلَّتْ في سمانا الآفِلاتُ منَ النُّجوم!
كمْ سَهِرناهُم ليالي
وبَكَينا .. وسَكَتنا
وتَشَوَّقنا وأمطَرنا لَهُم قيدَ التَّلاشي كالغُيوم
ثُمَّ وَدَّعنا هواهُم عندَ مُنعَطَفِ الحياة
فاستَفِقْ من قيدِ ذكرى
للرِّضا طعمُ المنال
دعكَ من زيفِ المُنى واسقِ الخيالَ من الخيال
..
دمشق 4\11\2010
No comments:
Post a Comment