Friday, July 8, 2011

بغـــدادُ والشُّعـــراءُ والصُّـــوَرُ




كانت قد أدرَجَتْ إحداهنَّ قصيدةَ فيروزَ المُغنّاة (بغداد والشعراءُ والصُّوَرُ) في صفحتي ذلكَ اليوم، فما أن قرأتُها وسَمِعتُها حتى غَصَصتُ بها واستدركني قلمي كاتِباً:


لُبنانُ عَفواً جِئتُ أعتَذِرُ

فالليلُ في بغدادَ مُنكَسِرُ

ما عادَ بينَ نُجُومِها أَلَقٌ

أو في ضِفافِ نُؤاسِها سَهَرُ

سَرَقوا الليالي الأَلفَ مِنْ فَمِها

وعلى دَواوينِ الأُلى عَبَروا

بغدادُ غابَ العُرسُ مُكتَمِلاً

عَنها وأنكَرَ وَجهَها القَمَرُ

بغدادُ لا مجدٌ ورائِعَةٌ

في أُفقِها وبِشَمسِها خَدَرُ

وحَقائِبُ الماضينَ عَنْ غَدِها

أودَتْ بِها واستَنزَفَ السَّفَرُ

هَجَروا مُحيّاها الأسيلَ كَما

مِنْ قبلُ عَنها سامِراً هَجَروا

حتّى دُرُوبُ السِّندِبادِ بها

تاهَتْ وأخطَأَ قَطْرَهُ المَطَرُ

فيروزُ عودي لَستِ آمِنَةً

دارُ السَّلامِ تكادُ تَنفَجِرُ

تِلكَ الليالي العاطِراتُ غَدَت

قَفراً وفي أجسادِنا الحُفَرُ

خَوفٌ ولونُ الموتِ حَمَّلَها

أشلاءَ مَنْ في بَطنِها قُبِروا

يا لوعَةَ الشُّعَراءِ حينَ مَضَوا

عَنها ولَوعَ النَّظمِ إذْ نَثَروا!

فيروزُ لا تأتي فَلَيسَ هُنا

غيرَ النَّخيلِ الحُرِّ يُحتَضَرُ

بغدادُ عيناها تَفوحُ دَمَاً

وعلى الجفونِ السُّمْرِ يَنهَمِرُ

جَثَموا على قُمصانِ دجلَتِها

عَبَثَاً وبينَ نُهُودِها سَكَروا

لُبنانُ هل في الأرزِ من لُغَةٍ

تَروي هَزيمَتَنا وتَختَصِرُ؟

فالقَلبُ يا لُبنانُ مِن كَمَدٍ

ما عادَ بالنَّبَضاتِ يأتَمِرُ

لُبنانُ إنَّ الخَطْبَ مُحْتَدِمٌ

واللّاهِثونَ لِدَمْعِنا ظَفَروا

هيَ آمَنَتْ بالعُرْبِ كُلِّهِمُ

وبِها جَميعاً حُبَّهُم كَفَروا

واستَنصَرَتهُمْ حينَما اغتُصِبَت

فَلِغَيرِ ذاكَ الصَّمتِ ما انتَصَروا

لا تسألِ التاريخَ ما اغتَصَبوا

مِنها فَإنَّ الجُرحَ مُستَتِرُ

فَيروزُ عَنهُم جِئتُ أعتَذِرُ

بغدادُ والشُّعراءُ والصُّوَرُ

دمشق 18\1\2011

No comments: